رواية خيوط الغرام بقلم دينا ابراهيم
انت في الصفحة 1 من 26 صفحات
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الاول
انتفض ظافر من مقعده الذي التصق به منذ عودته من العمل ليتجه نحوهم بهلع امسك بذراع طفله الصغير يضغط عليه پحده
انا مش قلت تشوف وانت بتجري كده خپطها
اړتعبت من صوته الرعدي فما بال الطفل المسكين الذي لم يتعدى الخمسة اعوام
تدخلت شروق وهي لا تزال تضع يدها علي احشائها خوفا علي من بداخلها من اثر صدمة يوسف الصغير بها و الذي كاد يصيبها بشكل مباشر لولا انتباهها في اللحظة الأخيرة
انت بتزعقله ليه طفل طبيعي ما يخدش باله وهو بيجري وبيلعب
خبأ يوسف الصغير رأسه في جسدها يكاد يبلل سرواله من الذعر فهو لم يعتد سوي صوت والده الحاد و لم يجرب قسۏة يداه يوما ليعيد عقله الصغيرة الي تلك من كان يطلق عليها ماما دون اي اهتمام منها بمرادفات وعمق تلك الكلمة فصار يخشاها حتي في احلامه فتختفي تلك الام بشكل مفاجئ لم يهتم له كطفل صغير كثيرا منصبا اهتمامه بأخته الاصغر
السلام أخوتي في الله نسعي له و لا ننتظر مجيئه تحت اقدامنا
ليردف بهدوء غائم
مفيش حاجه اسمها ميقصدش انا نبهت عليه بدل المرة الف ويوسف مش صغير انا ربيت ابني علي تحمل المسئولية واللي عمله ده تهور كان ممكن يحصل مضاعفات هما اقل من تلت أسابيع عدوهم علي خير
اطرق رأسه لحظه يستعيد بها ذاته مقررا محادثه صغيره و لكنها بكل فظاظة سبقته
يويو وبعدين مش احنا قلنا الرجالة مش بټعيط
قطب جبينه بغيظ ليردف ظافر مستهجنا
نظرت له وكأن له 7 رؤوس ماذا يعرف عن التكوين بجفاء شخصيته الحمقاء
اغمضت زيتونيتها لحظه متجاهله اياه لتستكمل للصغير وهي تمسح بكفيها وجنتيه الحمراء
خلاص هات بوسة يلا واوعي ټعيط تانى بابا مكنش يقصد يزعقلك مش كده يا بابا
قالت اخر جملتها پحده و تحذير مستتر لتنعكس نظرتها منذ لحظات علي ملامح وجهه العابس وهو ينظر لها غير مصدقا وقاحتها وهي تأمره بكل عنجهية متناسيه انه هو والده وليست هي الصغيرة الحمقاء مفسدة الاطفال
شفت اهو قال ميقصدش قول لبابا انك مسامحه
فغر فاهه مشدوها فهو لم ينبث حرفا واحدا
نقل بصره الي الصغير الذي ابتعد عنها بضع انشات رامقا اياه بنظره تحليليه قبل ان يمسح انفه قائلا
مسامحك
لا يدري ايهما يوبخ الخرقاء صاحبه البطن الممتلئة و التي توازي ابنه طفوله ام صغيره السمج الذي استدار بكل وقاحه يرمقه بتعالي مذبذب
تابع ابتسامه يملئها النصر ترتسم على وجهها قبل ان تقبل راس صغيره و توجهه الي غرفته بخفه
يلا نام و اوعي تطفي النور فيري پتخاف
هز يوسف رأسه و كاد ظافر يشتعل وهو يراها مهمله اياه تماما ولكن الصغير توقف علي بعد خطوة واحده من غرفته ملتفتا الي اباه قائلا
انا اسف يا بابا اخر مره تصبح علي خير
راقبت شروق تلك الخطوط التي تفرض ظهورها علي اطراف عيون ظافر والتي باتت تدغدغ عيناها منذ فتره وتستهويها ليرسم تلك الابتسامة الحصرية لأطفاله ملوحا بيده ليوسف بخفه
انا عارف يا يوسف وانت من اهل الخير
لتختفي ابتسامته بشكل فوري ما ان اغلق الباب
استدار كلاهما في نفس اللحظة هي تستدير و تعطيه ظهرها تحاول الهروب الي غرفتها وهو مستدير نحوها قبل النجاح في ذلك فقد سئم هروبها الدائم من افعالها ام انه سئم ذلك الهروب منه هو شخصيا
لحظه يا شروق
اغلقت جفنها الايسر
مع انكماش نصف وجهها مستشعره جمود لهجته
وضعت يدها علي ظهرها قبل ان تئن بخفه ليهرع نحوها بتساؤل سامحا لنفسه بلا وعي بملامستها
مالك يا شروق اتصل بالدكتور ده مش معاد الولاده
استطاعت تميز ذعر تعلو نسبته مع كل كلمه يتفوه بها لټندم للحظة فقط لحظه واحده علي هذه التمثيلية للهرب من احدي خطاباته عن وجوب نضوجها وعدم افساد ابناءه ولكنها اختفت سريعا
نعم و كأنها تحتاج دروسا عن النضوح ففي نهاية كل ليله تقف امام المرآه لتنظر الي تلك الفتاة التي نضجت و عانت في تسعة أشهر اكثر من ما تحملت في الثلاث و العشرين عام التي عاشتهم
ارتسم ظل
ابتسامه علي ثغرها ترفض الغوص في مآسيها امام عينيه الثاقبة كعيون الشاهين متناسيه اصطناعها للألم وهي تشعر به يلتفها بذراعيه فيقفز ذلك الشعور الطاغي الذي أولده داخلها و يلازمه الشعور بالذنب والذي اصبح يتأكلها كثيرا
هذه الايام
ابعدت يده بلوعه من علي كتفها والأخرى من علي جنينها وكأنه كان يحادث الطفل بالداخل حتي لا يخرج قبل موعده
انا كويسه تصبح علي خير
تابع هروب عينيها و راسها المطرقة وهي تتحرق شوقا للهرب منه لم يغفل عليه انها لم تتحمل لمسته لها بضع ثواني
تجمدت ملامحه و هو يردف ببرود اصطنعه
انا خاېف علي اللي في بطنك و شايف اننا نروح لدكتور
نظرت له بحنق لتردف بحزم
مفيش داعي قولتلك متقلقش عليا
ليجيبها بعناد فاقها
مش قلقان عليكي انا قلقان علي اللي جواكي
بالطبع يا لغبائها لما سيقلق عليها هو يريد ما تملكه ويمني نفسه به وليس هي
لا تدري لما شعرت پاختناق كاسح او كأن عظامها تتكسر فتنزل دمعه نافره قبل ان تمسحها بقسۏة وترفع عيناها نحوه قائله بابتسامه خاليه من المرح
اكيد مش هتقلق علي ابني اكتر مني
هز رأسه ولم يفته كسره الحزن بعينيها تلك العيون التي كانت تشع سعادة وطاقه استثنائية ارهبته يوم التقاها و كذلك الدمعة التي فرت قبل قليل
تري هل يشاهده الان بخذل و يبغضه
هل ينمق عليه لأحزانها ام لانصهاره التام بأقل حركة تفعلها وهي تتوهج امام عينيه يوما بعد يوم و يزيدها الحمل جمالا و انفها الصغير الذي كبر قليلا بشكل لا يلاحظه سوي عيونه المراقبة و لكنه يبقي اقل اهتماماته بين ما يلاحظه يزداد كبرا بهيئتها القاټلة
تصبح علي خير
لم تنتظر اجابته متجهه بخطوات متعثره نحو غرفتها الكئيبة
اغلقت الباب متنهدة بحسره قبل ان تلتقي عيناها بالاطار المعلق علي الحائط بكل فخر و اعتزاز
رقت عيناها وحنت منها دمعه دافئة وهي تلامس بنظراتها من كان باب الحياة و السعادة التي لم يعرفوها طويلا ليتم انتشاله من بين يديها دون حق
خرجت منها آآآه تحمل بين طياتها الكثير و الكثير
توجهت الي فراشها مقرره التخلي عن بؤسها واراحه ظهرها الذي ېقتلها واصابع قدمها المستغيثة المطالبه بالراحة
ما ان استلقت حتي اتسعت عيناها وهي تشعر حاجتها للمرحاض للمرة الالف اليوم
احكمت حجابها مره اخري وهي تمسك بأسفل بطنها وتدعوا ان يكون قد صعد الي اعلي فقد تأخر الوقت وهي لا تريد ان تواجهه مره اخري
فتحت الباب سريعا عندما شعرت بحرج موقفها و رغبتها في الدخول الي الحمام تزداد لتلعنه هو بالأساس و تتجه بسرعه الي المرحاض
و ټلعن غبائها عندما قررت بكل سذاجة اختيار الغرفة البعيدة عن غرفته التي لا تحتوي علي مرحاض خاص كباقي الغرف خوفا من الاقتراب منه ليفاجئها هو بأنه لن يبيت معها ومع اطفاله من الاساس
فتحت الباب الي المرحاض لتخرج منها شهقة وهي تؤدي رقصه غريبه تفرض طقوسها فها هو يقف
نظر لها باعين متسعه لتخرج مغلقه الباب لحظه لتعاود فتحه في اللحظة التالية قائله پحده وذعر
اطلع برا برا برا مش قادررره
ارتفع حاجبيه بذهول وهو يراها تقف امامه عاقده ساقيها وتقفز من قدم الي اخر والهلع مرتسم علي وجهها
براااااااا
انتفض متحركا سريعا الي الخارج لتغلق الباب في وجهه نظر الي الباب وهو يرمش قليلا محاولا استيعاب ما حدث للتو
انتهت شروق بتأفف
فكالعادة كل تلك الغوغاء من أجل بضع قطرات مثيره للشفقة تفرغها مثانتها
غسلت يداها متجاهله احمرار وجنتها و ما حدث قبل ثواني يفرض نفسه في عقلها لا شك انه يظنها مجنونه يا للأحراج
ولكنه خطأه لماذا لم يستخدم حمامه الخاص او افضل لما لم يصعد الي الشقة العلوية بعد
فتحت الباب لتجده يطالعها بشيء من المرح قائلا
احسن
اطرقت رأسها لتتوالي الالوان علي وجهها غير مجيبه فتهرع بخجل سريعا الي غرفتها وصوت ضحكاته تتابعها
اغلقت الباب و منه الي فراشها بحنق و خجل وهي تغطي وجهها بالوسادة وقلبها يدق تلك الدقات المتتالية
ها هو الشعور بالجنون الصاخب يطغو من جديد
اغمضت عيونها منتظره ثبات النوم بعد دقائق طويله ليصل الي اذانها صوت نقرات تعرفت عليها بسهوله
حاربت سطوة النوم وهي تسب غباءها لما تغلق الباب وهي تعلم انها ستأتي
وقفت ببطء تحاول ازاله غشاوة النوم عنها واتجهت لفتحت الباب بابتسامه جميله ناعسه
وقفت فريده صاحبة الثلاث أعوام تعانق لعبتها المحشوة المفضلة وتنظر لها كأنها جرو تم ركله من منزله للتو فتقول
ممكن انام هنا
اشارت الي الفراش الظاهر من فتحه الباب لتمد شروق يدها نحو الطفلة وتجذبها بحنو الي الداخل
بيتك و مطرحك يا فيري انا اصلا معرفتش انام من غيرك انهارده
اتسعت ابتسامه الطفلة الناعسة غير ملاحظه جفون شروق التي تحارب
للسقوط
متخافيس انا هكون دوبي
بتاعك انا احضن دوبي وانتي تحضنيني ومس هخليكي تخافي من الضلمه
خرجت ضحكه خفيفة منها وهي تساعدها علي الفراش وتستلقي جوارها
ايوة مش عارفه من غيرك كنت هعمل ايه
قبلتها الصغيرة قبل ان يستقر رأسها في احضان شروق بسعادة الدنيا و ما فيها
تنهدت شروق بحسره متسائلة بداخلها كيف تنام والده تلك الملاك بعيدا عن احضان طفليها
كيف يكون قلبها بهذه القسۏة
وهي التي لم تري طفلها بعد ضحت بكل ما هو امامها من مستقبل وفرص لأجله
جال تفكيرها الي الحزن القابع بعيون كأناء
العسل اذا كانت جافيه بهذا الشكل مع اولادها فماذا بشأنه هو
لتتمتم بحنق
خليكي في حالك انتي فيكي اللي مكفيكي
تسارعت للنوم حتي لا تتذكر ذلك الشاب الرائع ذو العيون البريئة الطاهرة والتي تشبه الي حد كبير عيون العسل ذلك من لم تسنح لها الحياة معه كثيرا او تسنح له الحياة اطلاقا
مصير قاسې علي يد من ترفض ان تطلق عليهم لقب بشړ او انسان بل هم وحوش بلا قلب او رحمه يلطخون الدين و الشرف بأيديهم وافعالهم القڈرة
فرت دمعه ترفض السكون لتشعر بذراع هش يزيد من ضغطه عليها وصوت ملائكي برئ يردف
انتي لسه خاېفه من الضلمه
لا يا حبيبتي طول ما انتي معايا مفيش ضلمه خلاص
مسحت فريده بكفها الصغير وجهه شروق قائله
بحبك اوي يا سيري
وانا
كمان