رواية جبر السلسبيل بقلم نسمه مالك
صوت أنينها وصل لسمع سلسبيل انتشالها من قاع أحلامها الوردية بصڤعة دامية اعادتها لواقعها المرير حين رأت حالة خضرا التي قطعت نياط قلبها على حين غرة..
أبلة خضرا.. همست بهاو هي تعتدل جالسة بوهن..
كفاية عياط ونبي يا أبلة خضرا.. حقك عليا والله..
قالتها ببوادر بكاء و هي تحاول مغادرة الفراش بضعفتمكنت من الوقوف بصعوبة
بالغة وحاولت تسير نحوها لكن تهاوي جسدها لم يسعفها فسقطت جالسة أرضا بقوة..
يا جلبي يا بتي.. صړخت بها خضرا و هي تركض نحوها و جلست على ركبتيها أرضا أمامها تتفحصها بلهفة و تساندها بحرص حتي اعادتها لفراشها مرة أخرى..
أنا أسفة.. حقك عليا..
همست بها سلسبيل پبكاء حاد و هي ترتمي داخل حضنها و تبكي بنحيب..
ربتت خضرا على شعرها بحنو و تحدثت بابتسامة رغم عبراتها التي تهبط على وجنتيها ببطء..
رفعت سلسبيل رأسها و نظرت لها بذهول لتزيل خضرا دموعها بيدها الحنونة و تابعت بغصة يملؤها الأسى ..
بس متبجيش تاخدي على خاطرك مني لما أزيط فيك سواعي أكده من غيرتي و حړقة جلبي يا سلسبيل
مش هيهون عليا أحرق قلبك حتي لو التمن قلبي أنا
انتهي الفصل..
واستغفرو لعلها ساعة استجابة..
الفصل السادس عشر
مر يومان..
لم يستطيع عبد الجبار الانفراد ب سلسبيل منذ خروجها من غرفة العنايةفقد طلبت هي من الممرضات بالمشفى عدم تركها معه بمفردها بعدما رأت ضعفها المخزي بين يديه
حسمت قرارها ولن تتراجع فيه ستبتعد وقتما تستعيد قواها و تتمكن من النهوض و السير بمفردها حينها ستتركه لعائلته دون وداع حتي فهي على درايه كاملة أنه لن يعطي لها أبدا فرصة الهروب منه..
أحنا بقينا عال يا مدام سلسبيل و ممكن اكتبلك على خروج انهاردة..
قالها الطبيب فور أنتهاءه من فحصها بدقة تحت أنظار عبد الجبار المرتعدة من شدة خوفه عليها و خضرا التي صدح صوتها بزغروطة تعبر بها عن فرحتها..
قالها عبد الجبار بهدوء عكس ضجيج قلبه ليجيبه الطبيب بأسف قائلا..
هي حالتها أصبحت مستقرة الحمد لله.. فأحنا هنعتبر خروجها من المستشفى هدنة بسيطة هتمشي فيها على علاج مهم جدا.. تاخده في ميعاده بانتظام لأن الخطړ لسه موجود و علشان كده ممنوع الزعل نهائي.. أو أي مجهود تعمله حتي لو بسيط..
تسلميلي يارب يا أبلة خضرا.. ربنا ميحرمنيش من حنيتك عليا..
همست بها سلسبيل بخفوت و هي تبتسم لها ابتسامة باهتة تخفي بها عبراتها التي ترقرقت بعينيها..
بادلتها خضرا ابتسامة دافئة وهي تقول..
ولا يحرمني منك يا خيتي..
بينما عبد الجبار سار برفقة الطبيب خارج الغرفة لتتسع ابتسامة خضرا مغمغمة..
أيوه أكده روقي يا حبيبتي و قومي على حيلك و ارچعي دارك نوريه و فرحي جلبي و جلب چوزك..
صمتت لبرهة و تابعت بمزاح..
و افقعي عين و مرارة بخيتة..
حركت سلسبيل رأسها لها بالنفي و همست بضعف قائلة.. ده بيتك أنتي و هيفضل بيتك لوحدك و عمري ما هشركك فيه يا أبلة خضرا.. أنا ضيفة عندك و هيجي اليوم اللي همشي فيه و بتمني يكون في أقرب وقت ممكن..
وه ليه يا بتي بتقولي أكده.. أنتي خلاص بجيتي مرات عبد الچبار اللي بمشيئة الله هتچبر خاطره و تچبله الواد اللي بيتمناه من سنين طويلة..
رسمت ڠضب مصطنع على ملامحها البشوشة و تابعت..
ويكون في علمك أني هكون أم الواد زيك و يمكن أكتر كمان.. هيكون ابني اللي مخلفتهوش يا سلسبيل ..
فتحت سلسبيل فمها و همت بالحديث لكنخضرا أوقفتها حين قالت..
خلينا نفرح لول بخروچك بالسلامة.. أني ندراها يوم ما ترچعي على الدار هعمل ليلة كبيرة و وكل ياما بيدي لخاطر عيونك أنتي يا ست البنتة..
أطبقت سلسبيل جفنيها پعنف كمحاوله منها لكبح عبراتها التي تجمعت بحدقيتها بسبب معاملة خضرا معاها التي تجعل إصرارها بالابتعاد عن زوجها يزداد..
...................................لاحول
ولا قوة الا بالله ...
المنصورة ..
جابر تسعة و عشرون عاما.. شاب مكافح بني نفسه بعمله الشاق داخل بلده و خارجها حتي تمكن من تحقيق الكثير من أحلامه لكن أهم حلم بحياته بأكملها لم يستطيع تحقيقة حتي الآن لكنه لم و لن يتوقف عن السعي حتي يصل لغرضه و يحقق هذا الحلم مهما كلف منه الأمر..
صف سيارته أحدث الموديلات أمام منزل حديث الطراز جلس شارد داخل السيارة و مد يده لجيب سرواله الخلفي اخرج جزدانه الجلدي فتحته على مهل و اخرج ورقة قديمة مطوية أكثر من مرة فتحها بحرص و يتطلع لصورته المرسومة بأحترافية رسامة ماهرة برفقة فتاة صغيرة ممسك بيدها يسير بها تجاه مدرستها..
انبلجت ابتسامة على ملامحه الوسيمة حين صدح صوتها الطفولي العذب يرن بأذنه..
.. فلاش باااااااااااك..
كان بعامه السبعة عشر و هي بعمر السابعة.. يعاملها كما لو كانت ابنته من شدة اهتمامه بأدق تفاصيلها حتي أصبحت هي معلقة به أكثر من والديها..
شوفت رسمتي الجديدة حلوة إزاي..
أخذها منها و تأملها بانبهار مدمدما..
دي حلوة أوي يا سلسبيل.. بس قوليلي تقصدي بيها مين يا تري!! ..
اجابته بتلقائية..
اقصدنا سوا.. رسمتك و رسمتني و أنت بتوديني المدرسة يا جابر..
التمع الحماس بعينيها الجميلة بلونهما الأخضر الصافي و تحدثت بفرحة غامرة.. هتوديني الكلية اللي قولتلي عليها بتاعت الرسم..
هوديكي يا حبيبتي.. هو أنا عندى كام سلسبيل..
قالها و هو يدغدغها كعادته معاها و هي تضحك بقوة ضحكتها الملائكية التي تأثر القلوب .. لم يمر على هذا اليوم سوي أسبوع واحد و انقلبت حياتهما رأسا على عقب..
.. نهاية الفلاش باااااااك..
. بشقة واسعة تتميز برقي أثاثها نجد فؤاد رجل كفيف بأواخر عقده السادس يجلس على أريكة ممسك مسبحته يسبح عليها كعادته..
صباح الورد على أحلى جدو فؤاد في الدنيا..
أردف بها جابر الذي دلف للتو من الخارج و اقترب منه مال عليه و قبل يده و جبهته بحب مكملا..
أيه اللي مصحيك بدري كده يا حبيبي..
مستنيك من إمبارح يا جابر يا ابني.. كنت فين طول الليل يا حبيب جدك..
جلس جابر على الاريكة جواره و تنهد براحة مغمغما..
وصلت أخيرا لعنوان سلسبيل بنت بنتك يا جدي..
تهللت أسارير فؤاد مردفا بلهفة..
فين يا جابر.. خدني عندها يا ابني.. خدني عندها الله لا يسيك يا جابر..
أهدي يا جدي..انا هجبهالك لحد عندك اطمن..
قالها و هو يجذب رأسه لصدره و ضمھ بحنو مكملا..
انهارده هروح اجابها.. مش هسيبها بعيد عن حضننا تاني أبدا ..
.......................... سبحان الله العظيم ...
أمام منزل عبد الجبار ..
فرقة من أشهر فرق الفنون الشعبية ترقص الخيول على المزمار البلدي أصرت خضرا على أحضارهم و صدح صوت طلقات ڼارية فور وصول سيارته التي توقفت بمكانها الخاص داخل حديقة منزله..
هبطت خضرا التي كانت تجلس بجواره بعدما فشلت
في إقناع سلسبيل بالجلوس بالمقعد المجاور لزوجها و فضلت الجلوس بالخلف ..
طيلة الطريق كانت عينيها تتهرب من نظرة عبدالجبار التي تحاصرها عبر المرآه كانت فرحته بخروجها من المشفى ليس لها مثيلو كأن قلبه عادت له الحياة برجوعها له..
استدارت خضرا مسرعة نحوها و فتحت باب السيارة و مدت يدها لها تساعدها و تساندها و هي تزغرط بلا توقف أمام أعين بخيتة المتآججة..
تقف على باب المنزل تتابع ما يحدث بغيظ و ڠضب عارم و هي تري قوة خضرا تتضاعف بوجود سلسبيل وهي كانت تظن أنها كسرت أنفها بزواج ابنها من امرأه غيرها و ستصبح الكلمة الأولى و الأخيرة لها هي
شيل مراتك يا خوي..
أردفت بها خضرا حين شعرت بتهاوي جسد سلسبيل التي تسير بصعوبة بالغة بسبب ضعفها الشديد..
لم يجعلها عبد الجبار تعيد جملتها مرتين و قطع المسافة بينه و بينهما و حملها على ذراعيه بخفة كأنها لم تزن شيء بل هي بالفعل ضئيلة للغاية و جسدها صغير بين ضخامة جسده العريض..
دلف بها لداخل المنزل محمولة علي يديه محاوطها بحماية كالحصن المنيع أمام أعين بخيتة المنذهلة من أفعال خضرا التي كانت تسير خلفهما تسقف و تزغرط بل وصل بها الأمر أن تتمايل راقصه بذراعيها و هي تلاعب لها حاجبيها..
حمد لله على سلامة مراتك يا ولدي..
نطقت بها بخيتة من بين أسنانها و هي ترمق سلسبيل المستندة برأسها على كتف زوجها بنظرات كالسهام القاټلة..
الله يسلمك يا
أمه..
قالها عبدالجبار وهو يتابع سيره بها متجه نحو غرفتها لتتسع أعين بخيتة پصدمة حين نظرت لها سلسبيل و أخرجت لسانها لها بحركة أستفزازية جعلت النيران تشتعل بداخلها أكثر..
اه يا بت المركوب.. تمتمت بها بسرها لتقفز فجأة بفزع حين اقتربت منها خضرا و زغرطت داخل أذنها بصوت عال للغاية مرددة..
الليلة فرحتنا كبيرة بخروچ عروسة سيد الدار بالسلامة يا أمه بخيته.. وإني نادراها هعمل وكل ياما و أوزع على الخلق بيدي..
اممم و ماله.. اعملي و وزعي ما هو كله خير ولدي..
قالتها بخيتة و هي تسير من أمامها بخطوات غاضبة و هي ټلعن بسرها كعادتها..
........................ صل على محمد ......
خضرا..
هروح أنا اتسبح و أغير خلجاتي على ما تچهزي الوكل يا خصرا..
قالها و هو يغادر الغرفة و يسير للخارج بعدما اطمئن على صغيرته التي تجهز لها خضرا ثياب بيتيه و جلست بجوارها لتساعدها على تغير ثيابها..
عنيا يا أبو فاطمة.. هساعد البنته و اسيبها ترتاح هبابة و هقوم اچهز الوكل طوالي..
أردفت بها و هي تخلع لها حجابها بعدما تأكدت من خروج زوجها وغلق الباب خلفه..
أبلة خضرا ممكن تبعتيلي فاطمة و حياة يقعدوا معايا على ما انتي تخلصي اللي بتعمليه و تيجي..
تفهمت خضرا المخزي وراء طلبها هذا تراقص قلبها فرحا حتي إنها
لم تستطيع إخفاء فرحتها هذه و ردت عليها دون أدنى إعتراض بعدما ربحت غيرتها مجددا..
حاضر يا خيتي.. هقولهم يفضلوا وياك على ما أچيك بالوكل لاچل ما تاكلي زين و أعطيك علاچك بيدي..
نظرت لها سلسبيل بابتسامة تتعجب من حنانها عليها و غيرتها منها بأن واحد..
.................................لا إله إلا الله ...
..بعد مرور أقل من ساعة..
ممدة على الفراش تتابع بنات زوجها يلعبان بجوارها بعرائسهما الباربي انبلجت ابتسامة حزينة على ملامحها