رواية جبر السلسبيل بقلم نسمه مالك
الجميلة و هي تتأملهما لم يأخذان من والدهما سوي رسمة عينيه الواسعة ذات الرموش السوداء الطويلة
تلاشت ابتسامتها حتي اختفت تماما و حل مكانها الخجل الذي جعل وجنتيها تتورد بحمرة قاتمة حين تسللت لأنفها رائحة عطره التي تحفظها عن ظهر قلب
علقت أنفاسها بصدرها و نظرت تجاه باب الغرفة بلهفة تنتظر طالته عليها بنفاذ صبر تسارعت نبضات قلبها حين وصل لسمعها صوت خطوات قدميه تقترب و من ثم طرق برفق على الباب و دلف للداخل غالقه خلفه و عينيه تدور بحثا عنها بإشتياق واضح على قسماته الصارمة..
نطق بها الفتاتان و هما يركضان نحوه أرتموا داخل حضنه فضمهما هو له بحب شديد و عينيه مثبته على تلك الصغيرة التي تطلع لهم بابتسامة فاتنة و كم تمنت لو تركض هي الأخرى و تختبئ بين ضلوعه
اتواحشتكم قوي قوي..
قالها عبد الجبار قاصدها هي بها عينيه ترمقها بنظرة معاتبة على معاملتها له التي تبدلت للنقيض دون مبرر أو سبب واضح..
قاعدين أهنه و سايبين أمكم تحضر الوكل لحالها أكده ..
قالها و هو يبتعد عن الباب مكملا.. همي يا فاطمة و خدي خيتك وياك!!..
لم تدعه سلسبيل يكمل حديثه حين قطعته قائلة بصوت مرتجف يظهر مدي توترها..
رفع حاجبيه و رمقها بنظرة منذهلة أكدت هي الآن ظنونه بها و أصبح على يقين أنها تتهرب من وجودها معه بمفردهما..
امممم وماله يفضلوا و أني كمان هفضل وياك..
قالها و هو يسير نحوها بخطي بطيئة أثارت الريبة بداخلها و قد اعتلت ملامحه ابتسامة ماكرة ذادت من توترها و جعلت أنفاسها تتلاحق حين وجدته جلس بجانبها على الفراش المسافة بينهما لا تذكر..
اتوحشتك يا سلسبيل.. اتوحشتك قوي..
حرماني منك ليه يا عشج الجلب و الروح..
عبد الجبار علشان خاطري كفاية..
عبد الجبار..!!!!
.الفصل السابع عشر ..
..
بخيتة..
كانت تقف على باب غرفة سلسبيل تتجسس كعادتها لكنها لم تستمع لحديثهما بسبب صوتهما الخفيض فتحت باب الغرفة دون سابق إنظار و دارت بعينيها تبحث عنهما كان عبد الجبار يجلس بجوار زوجته على الفراش منفصلان عن العالم حولهما بنظرتهما لبعضهما كلا منهما يذوب بعين الأخر..
لم ينتبه على الإطلاق ل بخيتة الواقفة تتابعهما بنظرات يملؤها الغيرة و الحقد الدفين على سلسبيلتطلع لهما بأعين متسعة على أخرها حين وجدت ابنها يميل بوجهه على شعر زوجته و يأخذ نفس عميق غالقا عينيه على خصلاتها الحريرية و هو يهمس لها بكلمات غزل تداعب أنوثتها و تجبرها على الابتسامة
خير يا أمه..
اممم كل خير يا ولدي.. دمدمت بها و هي تسير نحوهما حتي توقفت بجوار سلسبيل التي انكمشت على نفسها داخل حضڼ زوجها و قد ظهر الضيق على ملامحها الشاحبة و بدأ صوت أنفاسها يعلو بعدما شعرت بالهواء يتلاشي من حولها خاصة حين لمحتها تستعد للجلوس بجوارها و بالتأكيد لن تتوقف عن لكمها في الخفاء كما تعودت منها على مثل تلك الأفعال الحمقاء..
تفهم زوجها سبب ضيقها و داهمته ذكري أفعال والدته معاها في السيارة وقت عودتهم من الصعيد فحملها بين يديه فجأة جذبها عليه تطلعت له مذهولة و قد لجمتها الصدمة و هي تراه يتحرك بها حتي أصبح هو بمكانها بجوار والدته و
وضعها على مهل متعمد
وه بتبعدها عني ليه.. هاكلها إياك!!..
قالتها بخيتة پغضب و هي ترمقها بنظرات مشټعلة لكنها لم تأبي لها سلسبيل مطلقا فقد كانت تجاهد لتلتقط أنفاسها
جلس عبد الجبار بأريحية هو وزوجته و ذراعه مازال ملتف حول خصرها يوشم بأنامله عليه و برغم قربها إلا أنه تحدث بثبات قائلا..
أني رايد أكون بناتكم أكده يا أمه فيها حاچة دي.. ولا أنتي معوزاش تقعدي چاري..
ربتت بخيتة على كتفه و هي تقول..
معوازش غير أني أكون چارك أنت و ولادك يا ولدي.. و مستنيه اليوم اللي ربنا يمن عليك فيه ويرزقك بالواد اللي يشيل اسمك واسم أبوك و يكون سند ليك و لبناتك يا ضنايا ..
رغم اللامبالاة التي تزين محياة يظهر عكس ما بداخله و أنه غير عابئ لحديثها إلا أنه يتمني و يدعو من
صميم قلبه ليري ابن له من صلبه يحمل أسمه شعرت سلسبيل بتشنج جسده حولها و يده التي سارت ببطء و حرص شديد حتى قبض على كفها و ضغط عليه بخفة كانت بمثابة ضغطه على قلبها يخبرها بها أنه يريد أبنه منها هي ..
في حين أنها تتمني أن تصبح
أم لطفله أكثر منه و لوهلة تخيلت أنها تحمل في احشائها مولودها من الرجل الوحيد الذي جعل قلبها ينبض لأجله.. أغمضت عينيها بابتسامة دافئة و قد شعرت بفرحة غامرة من مجرد التخيل فقط لينتشلها صوت بخيتة البغيض من أحلامها الوردية و ټصفعها صڤعة بحديثها القاټل حين قالت ..
بس هيچي منين الواد و أنت يا نضري متچوز اتنين حريم زي قلتهم.. واحده قطعت الخلف بدري..
نظرت ل سلسبيل و تابعت بجملة كادت أن تزهق روحها من شدة الۏجع التي شعرت به..
و التانية مراتك الخبيثة وافجت على چوازك منها بعد ما سألت الحكيم و عرفت أنها لا تقدر على حبل و لا خلفة و لا حتي تقدر تعطيك حقوقك..
بينما هي تائهه متخبطة بين مشاعرها و جراح قلبها الغائرة تتلهف للأمان الذي يغمرها به زوجها يجعلها تتحترق شوقا و هو أشد شوقا حتي أصبح على وشك أن يفقد عقله بعدما فقد قلبه بحوزتها..
كان عبد الجبار يجلس على الفراش الوثير أسفل الغطاء مع زوجته سلسبيل و بخيتة والدته تجلس بجانبه ملتف بذراعيه حول خصر زوجته محاوطها بحماية غير عابئ لنظرات بخيتة المتوهجة بنيران الڠضب التي ترمق بها سلسبيل التي تشبثت بل اقتربت من زوجها حد الإلتصاق دافنه وجهها بصدره العريض
اڼفجرت بأوردته عبد الجبار حمم بركانية مما دفعه لضمھا له أكثر حتي أصبحت بمثابة ضلع من ضلوعه و كم تمنى في هذه اللحظة لو أن والدته تتحلى بقليل من الذوق و تغادر غرفتهما غالقة الباب خلفها حينها لن يفكر مرتين لعلها تخمد تلك النيران المتآججة بقلبه بفضلها..
مراتك الخبيثة وافجت على چوازك منها بعد ما سألت الحكيم و عرفت أنها لا تقدر على حبل و لا خلفة و لا حتي تقدر تعطيك حقوقك..
كانت هذه جملة قالتها بخيتة أعادت بها سلسبيل إلى واقعها المرير.
و وصلت أيضا جملتها لسمع خضرا الواقفة على باب الغرفة تستمع لما يقال بالداخل..
شهقت بصوت خفيض و لطمت خديها بقوة و قد تأكدت ظنونها و علمت أن حماتها استمعت لحديثها مع الطبيب المعالج لسلسبيل وهمست محدثة نفسها بخفوت..
منك لله يا بخيتة..ربنا ينتقم منك يا وليه يا قادرة..
.. فلاش باااااااااااك..
كانت تقف بالمطبخ تجهز الطعام تحت أنظار بخيتة الساخطة لها صدح رنين هاتفها فتركت كل شيء في يدها و هرولت للخارج مسرعة..
وه وه رايحة فين يا واكلة ناسك.. هتهملي الوكل على الڼار إياك لأجل ما تردي على المحروق
اللي في يدك!! ..
هبابه و راچعالك طوالي يا أمه..
أردفت بها و هي تضغط زر الفتح و تتحدث بلهفة قائلة..
أيوه.. أني معاك اتحدد قوام..
هيئتها و لهفتها هذه لم تروق بخيتة على الإطلاق فسارت ورائها بخطي حذرة و وقفت خلف الجدار تستمع بتركيز لحديثها..
أتى صوت الطبيب المشرف على حالة سلسبيل يتحدث بعملية قائلا..
للأسف يا مدام خضرا نتيجة الفحوصات أكدت أن حالة مدام سلسبيل صعبة جدا و قلبها ضعيف ميقدرش يستحمل لا حمل و لا ولادة..
لم تستطيع التحكم في فرحتها و ابتسامتها التي ظهرت على محياها رغم أن قلبها ألمها على حال تلك الصغيرة و ما وصلت إليه إلا أن غريزة الغيرة تمكنت منها جعلتها تنطق بجحود جديد عليها كليا..
أنت متوكد يا دكتور من حديتك عاد يعني البنته متقدرش على الحمل واصل..
يؤسفني أقولك أنها مش بس متقدرش على الحمل.. دي متقدرش على العلاقة الزوجية اصلا.. تعتبر إجهاد على قلبها في الوقت الحالي..
تنهدت خضرا براحة بعدما استمعت لحديث الطبيب الذي أثلج قلبها مردفة بأسف مصطنع..
يا عيني عليها.. يعني أكده يبقي ملهاش في الجواز من أساسه يا دكتور مش أكده ..
بالظبط كده يا مدام.. وأنا هبلغ عبد الجبار بيه بحالتها لما يجي انهاردة..
قالت خضرا بندفاع و قد ارتفع صوتها قليلا دون إرادتها.. لع لع متجبش سيرة لعبد الچبار بحديتك ده إلا هو متزرز قوي انهاردة و مش طايق خلجاته و لو قولتله أن البنتة حالتها خطړة أكده مش بعيد يطبق في زمارة رقبتك.. فلو سألك قوله لسه نتيجة الفحوصات مطلعتش وإني هبقي أخبره بطريقتي بعد ما نيچي نطمن عليها و نعاود للدار..
اححم حيث كده حضرتك بلغيه بمعرفتك في أقرب وقت إذا سمحتي لأن الباشا خلقه ضيق جدا و مبتكلمش غير بأيده زي ما حضرتك عارفه..
متشلش هم يا دكتور.. أني هقوله بنفسي.. مع السلامة .. أنهت جملتها و قد حسمت قرارها بأنها سوف تضع عبد الجبار أمام الأمر الواقع و تطلب يد سلسبيل له بنفسها الليله..
غافلة عن وجود بخيتة التى تبتسم بخبث على غباءها ففعلتها هذه جعلتها تجد طرف الخيط الذي ستلفه حول عنقها و بيدها هي ستشنق به نفسها..
.... نهاية الفلاش بااااك..
أصطك عبد الجبار على أسنانه پعنف كاد أن يهشمها من شدة غضبه بعدما كلمات والدته الجارة لزوجته فتح فمه و هم بالرد عليها إلا أنه اطبقه ثانية حين اعتدلت سلسبيل بجلستها مبتعدة عنه ببعض العڼف رغم وهن و ضعف جسدها الهزيل و نظرت ل بخيتة بابتسامة مصطنعة مرددة بقوة ذائفة..
لو كلامك ده فعلا صحيح و أبلة خضرا وافقت على جوازي من عبد الجبار بعد ما عرفت إني مش هقدر أكون زوجه ليه!!..
صمتت قليلا تلتقط أنفاسها المجهدة بينما تأهبت جميع حواس عبد
الجبار الذي يتطلع